الأحد، 17 أبريل 2016

قصر الحمراء

إنه أحد المتاحف التي تركتها العمارة الإسلامية على وجه البسيطة. حتى قال عنه غوردي "إنه بناء لا تستطيع البشرية الإتيان بمثله مرة أخرى"

في مدينة غرناطة الأثرية الواقعة على بعد 267 ميلا جنوب مدريد، استوطن بنو الأحمر، وأخذوا يبحثون عن مكان لمملكتهم يناسب قوتهم ومنعتهم. فكان قصر الحمراء الذي سمي للون حجارته الضاربة للحمرة.

وقد اجتمع عليه كبار معمارييّ العالم ليتركوا لنا هذا الصرح. إنه ليس بناءاً وحسب، إنه فلسفة كاملة كل برج فيه له معنى وتاريخ، كل قاعة منه لها قصة ومفاد.

يبدأ الفكر بالتسلل إلى الزائر منذ دخوله حيث يجد عنواناً لكل هذا الترف، أبراجه العديدة العالية، مسميات أبوابه المدهشة، كباب الغدور وباب الطباق السبع وباب اليلاح وباب الشريعة.. وردهاته وفناءاته، رسوماته ونقوشه الرخامية البديعة، وقاعاته المشغولة بعناية، قاعة الأختين التي عُرفت بهذا الإسم لأن أرضها تحتوي على قطعتين هائلتين من الرخام متساويتين الحجم والرسم. والتي تفضي إلى أشهر بهو بالقصر، بأعمدته ال124 وقبابه الرائعة ونافورة الأسود الشهيرة التي كانت نموذجاً رائعاً لفن النحت الإسلامي ونظام تدفق المياه الفوار والذي يعطي أشكالاً بديعة، فمرة يفور على شكل قرنفلات ومرة على هيئة ترس ومرة على أنغام العازفين.

يقول فيه المؤرخ التمري "ولو وصفنا الحمراء بكل صفات البذاخة والثراء والجمال والرونق، ولو سميناها حسب أهوائنا بدار المفاجآت، ثم ألفنا فيها الكتب المتعمقة والمدائح الطويلة والأشعار البليغة، لما خطر ببال من زارها وتنقل في أجنحتها وشاهد روائعها، أن يتهمنا بالمبالغة والإسراف، لأن الحمراء لا تُوصف ولا تُمدح، بل تُشاهد فقط، وأي ذاكرة تقدر على تسجيل واستحضار آلاف الصور والمشاهد الماثلة في كل مدخل ونافذة وزاوية".