منقول عن المهندس المعماري. عند بلدية صغيرة بضواحي باريس تدعى بواسي Poissy، تقع أحد أهم المساهمات في العمارة الحديثة من القرن العشرين, منزل فيلا سافوي للمهندس المعماري السويسري-الفرنسي الشهير لي كوربوسييه Le Corbusier. أنجز في عام 1929، فيلا سافوي هو المفهوم الحديث للمنزل الريفي الفرنسي الذي يحتفل ويتفاعل مع عصر الآلة الجديد.
..........
المعماري: لي كوربوسييه
Le Cobusier
الموقع: 82 Rue de Villiers, 78300 Poissy, France
تاريخ المشروع: 1929
إعداد: م. زاهر عثمان Arch. Zaher Othman
..........
هذا المنزل حوّل بمفرده سيرة لي كوربوسييه المهنية وكذلك مبادئ نمط العمارة العالمية International Style؛ ليصبح أحد السوابق المعمارية الأكثر أهمية في التاريخ. انفصال تصميم فيلا سافوي عن موقعه الطبيعىي يجعله يتكامل مع سياق الصناعة والآلة لأوائل القرن العشرين؛ وتحديد مفهوم المنزل ككيان ميكانيكي.
لي كوربوزييه اشتهر بمقولته: "المنزل هو آلة للعيش". البيان لا يترجم ببساطة إلى تصميم المنزل كخط تجميع بالمقاس البشري؛ وإنما يبدأ التصميم بأخذ الصفات المبتكرة والمتطورة الموجودة في مجالات أخرى مثل الصناعة؛ وذلك في مسمى الكفاءة.
ردا على طموحاته واعجابه بتصميم الآلة, أسس لي كوربوسييه "النقاط الخمس للعمارة", وهي عبارة عن قائمة من العناصر التي يجب ادراجها في التصميم. "النقاط الخمس للعمارة" يمكن تفسيرها كإستنباط لي كوربوسييه الحديث من مؤلف "الكتب العشرة في للعمارة" للمهندس اليوناني فيتروفيوس، والذي يرجع أصله إلى أواخر القرن ماقبل الميلاد. الكتاب ليس حرفيا بمعنى دليل تعليمي للمهندسين المعماريين، وإنما هو قائمة من المكونات الضرورية للتصميم؛ لدرجة أن لي كوربوسييه قام بتصميم فيلا سافوي بناءا على هذه الخمس نقاط:
الأعمدة المرهفة pilotis
شرفة سقف مسطحة
مخطط مفتوح
شريط نوافذ زجاجية
واجهة صافية غير منمقة
في هذه المرحلة من مسيرة لي كوربوسييه المهنية, كان مفتونا بتكنلوجيا وتصميم السفن البخارية. البساطة والإنسيابية التي أنتجتها تقنيات الهندسة المبتكرة والوحدات النموذجية المتكررة (موديول) ألهمت لي كوربوسييه لتبني الإستفادة القصوى من المساحات مع الحد الأدنى من الزخرفة والبرهجة.
الأعمدة المرهفة والتي تدعم ظهرالسفينة, شريط النوافذ والذي يجري عبر هيكل السفينة, السلالم التي توفر نقطة الإخلاء من سطح إلى سطح؛ كل هذه الجوانب تدعم أسس "النقاط الخمس للعمارة" وتشكل التركيب العام للمنزل.
عند دخول الموقع, يبدو المنزل وكأنه يسبح فوق غابة جميلة، بدعم من أعمدة مرهفة تبدو وكأنها تذوب بين خط الأشجار؛ ذلك لأن الطابق الأسفل صبغ باللون الأخضر ليوهم للناظر بأن المنزل جسم عائم.
الطابق الأسفل يعمل على صيانة وخدمة الأجزاء الأخرى من المنزل. أحد الجوانب الأكثر اثارة لللإهتمام في المنزل هي واجهة الزجاج المقوسة من الطابق الأسفل، والتي شكلت لتطابق نصف قطر دوران السيارات ذات موديل عام 1929؛ حتى عندما يقود صاحب المنزل السيارة تحت الطابق الأعلى (الجسم الكبير), بإمكانه دخول المرآب بانعاطفة بسيطة وسهلة.
أجزاء المعيشة, أو الجسم العلوي, مزود بشريط من النوافذ الزجاجية والتي تمتزج بسلاسة مع الواجهة البيضاء, وتبعدها عن أي تسلسل هرمي مع الواجهات الأخرى. نفس النوافذ الزجاجية تبدأ بالتلاعب مع من ينظر إلى المنزل، فلا يدرك ما هو في الداخل أو الخارج.
ولكن عندما يأتي للداخل, يصبح هناك فهم واضح للعلاقة ما بين المساحات الخاصة والعامة. عادة ما تكون مساحات المعيشة خاصة, مسكرة ومنزوة. ومع ذلك, فإن لي كوربوسييه قد وضع غرف المعيشة حول شرفة خارجية لا يفصلهما إلا جدار من الزجاج السحاب.
هذه الفكرة عن المساحات الخاصة ضمن محيط أكبر وعام, سوف تكون الخيط المشترك لمشاريع لي كوربوسييه الإسكانية القادمة.
تستند كلا من الطوابق السفلية وطوابق المعيشة العلوية على فكرة "المنطقة المفتوحة"، والتي تثير الساكن لأن يتوغل بين المساحات. وكلمسحة معمارية قوية من لي كوربوسييه, فإن سلسلة من السلالم تنتقل من الطوابق السفلى حتى تصل إلى حديقة السطح؛ الأمر الذي يتطلب من الساكن أن يتمهل قليلا ويجرب التنقل بين المسافات.
فيلا سافوي هو منزل مصمّم على أساس المنتزه المعماري. تجربته هي في الحركة ما بين المساحات. يصبح الشخص على دراية بتفاصيل المنزل الدقيقة عند تنقله بين أسطحه، ويشعر بالعظمة عند وصوله سقف المنزل ويطل على ضواحي باريس.
..........
المصادر:
greatbuildings.com, wikiarqiutectura.com, galinsky.com, archdaily.com
شكر خاص للسيد فلافيو بلاجارا على الصور. Flavio Bragaia
greatbuildings.com, wikiarquitectura.com, Flickr User: End User
..........